بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْحَمْد للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمْنْ يَضْلُلُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدُهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه.
الحمد لله القائل في محكم التنزيل “ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ “ والقائل ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ ا لذاريات: 21 [
بالتأمل في خلق الانسان نجد أنه مر بمراحل متعددة اشار اليها القرآن في آيات متعددة منها ما حدث ومنها ما يحدث ومنها ما سيحدث:
في البداية الانسان لم يكن موجود / قال تعالى ” هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورً” [الإنسان:1] وعندما أراد الخالق استخلافه في الأرض دار الحوار التالي مع الملائكة / قال تعالى “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” (30)
فخلق الله آدم وخلق له زوجه حواء واسكنهما الجنه قال تعالى ” وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ (36)“البقرة
لكن الشيطان الذي اخرج ابونا آدم من الجنه والذي طلب من المولى عز وجل ان يتركه الى يوم البعث والنشور ، تعهد ليحتنك ذريه آدم فحقق الله طلبه وتركنا للهدى واتباع رسله فمن تبع هداه فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.“قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ “ البقرة – الآية 38
هذا ما حدث أما ما يحدث ولازال يحدث فهي مراحل تكوين الجنين التي توصل لها العلم الحديث في الزمن القريب الماضي في حين قد جلاها القرآن الكريم قبل اكثر من اربعة عشر قرنا كما في قوله تعالى:
” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ “.
وقال تعالى ” ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)
أما ما سيحدث يوم لا ينفع مال ولا بنون فهو ما نستنتجه من الآيات التالية
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿١٨٥﴾.ال عمران
وقوله تعالى ” وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ“
هذه مراحل خلق الانسان من البداية حتى الموت والبعث والنشور فإما الى الجنة وإما الى النار . اللهم انا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول او فعل أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو فعل أو عمل.
————————————————————————–
الحمد لله القائل {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان فِي أَحْسَن تَقْوِيم }
والقائل: يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ
عن أي تقويم نتحدث وأي موائمة بين التراكيب والوظائف هل نتحدث عن السمع ام البصر أم أي عضو في جسم الانسان ، سنأخذ نماذج فقط
قال تعالى : قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} [الملك:23]
وجد أن السمع في كل الآيات القرآنية يأتي بصيغة المفرد في حين أن البصر تاتي بصيغة الجمع ( ابصار ) ما عدا اية تتعلق بمشاهد اليوم الاخر ( ربنا ابصرنا وسمعنا)، كما ان كلمة السمع تسبق الابصار في كل الآيات ومبررات وأسباب ذلك ان السمع في الموقف لمجموعة لا يختلف في حين الابصار تختلف ( هذا قد يرى وهذا لا يرى) كما أن تقديم السمع لانه اول من يؤدي وظائفه عند الولادة وكذلك تعمل في كل الاتجاهات وكل الأوقات
أن الرموش تتحرك بشكل مستمر من مره الى مرتين في الدقيقة لترطيب العين وكذلك حمايتها من خلال الفعل المنعكس الذي يأخذ الأوامر العصبية من اقرب مركز عصبي ( ) لضمان سرعة الاستجابة وسلامة العين من الأخطار.
وفي القرنية نجد انها تتشكل من مادة شفافة وتتغذى بطريقة مختلفة عن باقي الأعضاء ( الشعيرات الدموية ) لضمان الحصول على افضل صورة .
الدموع التي تعبر عن الاحاسيس الا انها أفضل مطهر ومعقم للعين.
مرونة عدسة العين التي تمكنها من وضع الصورة على الشبكية.
الشبكية يصل عدد المستقبلات الضوئية في الملي متر المربع حوالي 100 مليون مستقبل في حين أفضل كيمرا للتصوير التلفزيوني عدد المستقبلات 10 الاف في الملي متر المربع وثمنها يتجاوز الخمسة ملايين.
ولذلك فإن الأعرابي في الصحراء استدل على وحدانية الله من خلال النظر في خلقه فقال: “البعرة تدل على البعير، وأثر السير يدل على المسير، وسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، أفلا تدل على اللطيف الخبير”.
فسبحان الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ …. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ.
وسبحان من خلق من كل شيء زوجين
وسبحان من خلقنا في ظلمات ثلاث
اللهم (متِّعنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوَّتنا ما أحييتَنا ، واجعلْهُ الوارِثَ مِنَّا )